كم ستعيش في هذه الدنيا ؟
ستين سنة ؟؟ ثمانين سنة ... مائة سنة ...ألف سنة ...ثم ماذا ؟!!
ثم موت ... ثم بعث الى جنان النعيم أو في نار الجحيم ..
اخوتى
تيقنو حق اليقين أن ملك الموت كما تعداك الى غيرك فهو في الطريق إليك ....
وأعلم أن الحياة مهما أمتدت وطالت فإن مصيرها إلى الزوال وما هي إلا أعوام أو أيام
أو لحظات فتصبح وحيد فريد لا حبيب ولا أموال ولا صاحبات ....
تخيل نفسك وقد نزل بك الموت وجاء الملك فجذب روحك من قدميك
..
تذكر ظلمة القبر ووحدته وضيقه ووحشته وهول مطلعه ....!!
تذكر هيئة الملكين وهما يقعدانك ويسألانك ....
تذكركيف يكون جسمك بعد الموت ؟ تقطعت أوصالك وتفتت عظامك وبلى جسدك
وأصبحت قوتا للديدان ...!!!
ثم ينفخ في الصور .. إنها صيحة العرض على الله فتسمع الصوت فيطير فؤادك
ويشيب رأسك فتخرج مغبر حافي عاري قد رجت الارض وبست الجبال وشخصت
الابصار لتلك الاهوال وطارت الصحائف وقلق الخائف ...!!
فكم من عجوز تقول : واشيبتاه !! وكم من كبيرة تنادي واخيبتاه وكم من شابه تصيح
واشباباه ..!!
برزت النار فأحرقت وزفرت النار غضبا فمزقت وتقطعت الافئدة وتفرقت ...والاحداق
قد سالت والاعناق قد مالت والالوان وقد حالت , والمحن قد توالت ...
تذكر مذلتك في ذلك اليوم وانفرادك بخوفك وأحزانك , وهمومك وغمومك وذنوبك ,
وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر
الانسان وأنى له الذكرى , قد ملئت القلوب رعبا وذهلت المرضعة عن رضيعها
وأسقطت الحامل حملها ,....
وتتبرا
حينها من بنيك وأمك وأبيك وزوجك وأخيك ....
تذكر تلك المواقف والاهوال يوم ينسى المرء كل عزيز وحبيب ..
.
تذكر يوم توضع الموازين وتتطاير الصحف كم في كتابك من زلل وكم في عملك من خلل ؟!!!!
تذكر يوم يقال لك : هيا ..اعبري الصراط ....
تذكر يوم يناديك بأسمك بين الخلائق , يا فلانة بنت فلان : هيا الى العرض على الله
فتقوم أنت ولا يقوم غيرك لأنك أنت المطلوب ....
تذكر حينئذ ضعفك وشدة خوفك وأنهيار أعصابك وخفقان قلبك وقفت بين يدي الملك
الحق المبين الذي كنت تهرب منه ويدعوك فتصد عنه وقفت وبيدك صحيفة لا
تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها فتقرئها بلسان كليل وقلب كسير , قد عمك
الحياء والخوف من الله فبأي لسان تجبيه حين يسألك عن عمرك وشبابك وعلمك
ومالك ... وبأي قدم تقف غدا بين يديه وبأي عين تنظر إليه وبأي قلب تجب عليه ...
ماذا تقول غدا له عندما يقول الملك : يا عبدى: لماذا لم تجليني , لماذا لم تستحي
مني لماذا لم تراقبنى , عبدى: أستخففت بنظري إليك ألم أحسن إليك ألم أنعم
عليك ؟!!!!
ألا تصبر على طاعة الله هذه الأيام القليلة وهذه اللحظات السريعة ..لتفوزي الفوز
العظيم وتتمتع بالنعيم المقيم ...!
وفقك الله يا عبدالله وجعلك مقبل الى الله لا مدبر متعلق بربك بطاعتك بدينك
بآخرتك ...أسعدك الله في دنياك وأخراك ورفع درجتك وهداك الى سبيل الرشاد .